(أ.ف.ب): الاتفاق السعودي – الإيراني لن يقدم حلاً سحرياً لليمن

تقرير – وكالة الصحافة الفرنسية
يستبعد محلّلون أن يؤدّي الإعلان المفاجئ عن التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بين السعودية وإيران، بعد سنوات من القطيعة، إلى حلّ سحري للنزاع الذي بدأ في اليمن في 2014، وتفاقم مع التدخّل السعودي بعدها بعام.
تعدّ الجمهورية الإسلاميّة والمملكة، أهم قوّتَين إقليميّتَين في الخليج، وهما على طرفَي نقيض في معظم ملفّات منطقة الشرق الأوسط، وأبرزها الحرب اليمنية.
تقود الرياض في أفقر دول شبه الجزيرة العربية تحالفًا عسكريًا دعماً للحكومة، بينما تدعم طهران المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء.

ويقول خبراء إنّ للاتفاق أبعاداً إيجابية إقليمية قد تساعد على التهدئة في اليمن، لكن تحقيق اختراق فعلي ما يزال بعيداً.
يرى الباحث في معهد “مجموعة الأزمات الدولية” أحمد ناجي، أن هذه التفاهمات “من حيث المبدأ ستنعكس إيجاباً على مسار التهدئة في اليمن”، ولكن “لا تعني الإنهاء الكامل لكل تعقيدات الصراع”.
يقول ناجي لوكالة فرانس برس، إن اليمن يشهد “حرباً متعددة الطبقات، وسيسهم هذا التفاهم في معالجة البعد الإقليمي فيها، لكن الدوافع المحلية للصراع ستظل حاضرة، وستتطلّب وقتاً أطول ومعالجات متعددة المسارات لإنهائه”.
رحّبت الحكومة اليمنية بحذر بالاتفاق، معربة في بيان عن أملها في “مرحلة جديدة من العلاقات في المنطقة، بدءاً بكفّ إيران عن التدخّل في الشؤون اليمنية”.
في موازاة ذلك، أكّد الحوثيون على لسان المتحدث باسمهم، محمد عبدالسلام، أن “المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها”.
حوار مع الحوثيين
تشير الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إليزابيث كيندال، إلى أنّ النزاع في اليمن “نشأ محلياً حول مسائل تتعلق بمن يسيطر على السلطة والأرض والموارد”.
وبحسب كيندال، فإنّ النزاع “توسّع إلى أكثر من مجرد طرفين متحاربين”.
يبدو أن النزاع في اليمن أكثر تعقيداً اليوم مما كان عليه في عام 2014، حين بدأ الحوثيون زحفهم نحو مناطق الحكومة، في خضم صعود قوى سياسية وميليشيات مختلفة مع إضعاف السلطة المعترف بها دولياً.
منذ أشهر، تقيم الرياض حواراً مع المتمردين الحوثيين برعاية عُمانية، بحسب مصادر يمنية وإقليمية تحدّثت لوكالة فرانس برس، مشترطة عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخوّلة بالإفصاح عن تفاصيل المحادثات.
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أكد الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى موسكو، وجود “جهود للوصول أولاً إلى وقف إطلاق نار دائم، ومن ثم إطلاق عملية سياسية بين الأطراف اليمنية تنهي هذه الأزمة”.
قال الوزير السعودي: “سنستمر في هذا الحوار، وهناك حوارات عبر مسارات متعددة”.
في المقابل، تخشى جهات يمنية أن يأتي أي اتفاق إيراني – سعودي على حساب السلطة، كأن تنسحب المملكة من النزاع وسط ضمانات بعدم استهدافها، وتترك الحكومة وحدها في مواجهة المتمردين الذين كادوا أن يسيطروا على كامل البلاد لولا التدخل السعودي في مارس 2015.
وأكدّ رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أن السلطة سمعت من الرياض “أنّه لن يكون هناك اتفاق سعودي – حوثي، وإذا كان هناك اتفاق فسيكون بين الحكومة اليمنية والانقلابيين”.
ردود متفاوتة
قد يقرّب الاتفاق السعودي – الإيراني، وجهات النظر بشأن التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب التي تسبّبت في أكبر مأساة إنسانية على مستوى العالم، بحسب الأمم المتحدة، قُتل وأُصيب فيها مئات الآلاف من الأشخاص، ودمّرت الاقتصاد. وكانت ردود فعل اليمنيين متفاوتة حول الاتفاق.
في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قالت إلطاف علي: “إن شاءالله يكون الاتفاق بادرة خير للوطن العربي والعالم، وبشكل خاص لليمنيين واليمن، لإنهاء الحرب ورفع الحصار ودفع الرواتب”.
في تعز المحاصرة من الحوثيين، استبعد عبدالحكيم مغلس أن يؤدي الاتفاق السعودي الإيراني إلى السلام الشامل، قائلاً: “قد يصنع هدنة مؤقتة وفق تفاهمات معينة لفترة قصيرة لكنها لن تمنع الحرب وتصنع سلاماً شاملاً ودائماً في اليمن”.
انتهت الهدنة في أكتوبر الماضي، لكن المحادثات السعودية مع المتمردين في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا، وفقًا لدبلوماسيين مطلعين على مسار المفاوضات.
رغم ذلك، يستبعد مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، أن يكون الاتفاق السعودي الإيراني بمثابة “الحل السحري”، مشيراً إلى أنّ “حلّ اليمن لن يأتي إلا بحوار متعدّد الأطراف بوجود السعودية والإمارات (العضو في التحالف العسكري) والحوثيين وإيران” وغيرهم.
ويؤكّد أحمد ناجي أنه “ما لم يكن هناك دعم للمسارات السياسية اليمنية بما يحقّق السلام اليمني – اليمني المستدام والحقيقي، فإنّ هذه المصالحة بين طهران والرياض ليست سوى انتقال من ذهنية الحرب بالوكالة إلى السلام بالوكالة”.
ويرى المذحجي أنّ الحوثيين سيقاومون التوصل إلى اتفاق في وقت قريب، مضيفاً: “يقولون دائماً إنّ قرارهم ليس من طهران. وبالتالي، فوجود أي اتفاق سياسي سريع سيشكّل حرجاً لهم، وسيبدو أنّه استجابة للاتفاق الأخير بين القوتين الإقليميتين”. وتابع: “أتصوّر أنهم سيقاومون الوصول لاتفاق قريباً ليبدّدوا هذه الشبهة”.