أمهات أبناء الوطن الشهداء.. شعور الفقد ومشاعر الاعتزاز..!
رمضان كريم… هذه الثورة لا تموت ولا تتراجع… انظر إلى هذا الشباب الذي لا ينسى شهداءه… إنهم في كل مرة يؤكدون أنهم من اجل الوطن وان ذاكرتهم حية متقدة بأطياف رفاقهم الشهداء أبناء الرحمن ساكني الجنان الشرفاء الذين ذهبوا إلى الدار الباقية دار الخلود وعلى شفاههم ابتسامة المحبة والوداع والوصية الغالية للذين لم يأت بعد أوان رحيلهم (أن يبقوا عشرة على الوطن)..!!
يا لمحنة الذي يظن أن هذه الثورة بمكن أن تموت بانقلاب البرهان وتهديدات الفلول أو جهالات مناوي وجبريل وأردول والتوم هجو..ومؤامرات هاموش النهار وعثة الليل و(ذبابة الخيل) التي ترى أنها مثل نابليون لأنها كانت تشاركه ظهر الحصان..!
يا لجلال مشهد أمهات الشهداء.. لا نقول إن عليهن ألا يبدين حزناً من باب الاستخفاف بمشاعر الحزن.. وكأننا لا نشعر بمرارة الفقد لأبناء الحشا والأضالع..والفقد الكبير التي تستشعره كل أم في رحيل ابنها في ميعة الصبا وربيع الشباب..! ولكننا بحق نرى أن في هذا الاستشهاد تجسيداً حيّاً لمعاني الإيثار والفداء والفروسية والبسالة والوطنية ويقظة الضمير مما يضمد كثيراً من لواعج الحزن والألم وجراحات الرحيل… ذلك أن الشهداء الراحلين هم الذين اختاروا بأنفسهم هذا الطريق الصعب عن وعي وإصرار وإيمان.. فقد رفضوا حياة المذلة لهم ولوطنهم ولأهلهم.. ورفضوا القبول بالدنيّة في نضالهم أو الهروب من ساحة دخلوها بإرادتهم الحرة وهم يعرفون مآلاتها.. ويعرفون أنهم ورفقاؤهم معرضون للقتل في كل يوم يخرجون فيه وأياديهم خالية.. لا يحملون شيئاً سوى أناشيد الحرية….!
لقد كان هؤلاء الشهداء الكرام بحق من الأبناء الذين يشرّفون أمهاتهم ووطنهم.. ولم يكن اختيار رصاص الانقلاب لهم اختياراً عشوائياً.. فقد كان الانكشارية القتلة يعرفون منزلة هؤلاء الشهداء بين أقرانهم في مواكب الثورة..! ولكن أولئك الرعاع لا يعلمون أن عين الله لا تنام.. ولا يعرفون حُرمة الروح عند خالقها.. ولا يدركون أن الكون كله وما بين السموات والأرض يرتج هولاً من إزهاق روح واحدة بريئة..!
النفوس المؤمنة النقية النظيفة لا يدرك ما تختلج به إلا من كان يماثلها في الإيمان والنقاء.. ونحن نكاد نجزم (والله هو العليم) بأن كل سوداني حر يستشعر ذات الألم وذات الفقد على رحيل شبابنا الشهداء حتى وإن كان لم يقابلهم.. ولم تربطه بهم واشجة من دم أو قرابة…!! هكذا خلق الله النفوس وأودع المشاعر.. وربما كان بعضنا ابلغ في الجزع والحزن وافتقاد الصبر الجميل من أم الشهيد نفسها التي حملته وهناً على وهن ورعته في المهد وكفلته وهو صبي ثم هو في ريعان الشاب…. فسبحان الله …!
كلنا في هذا الوطن آباء وأمهات وإخوة وأخوات لكل شهيد..ولعل في ذلك كثير من العزاء ثم أنهم (أحياء عند ربهم يرزقون) وهم هنا معنا في هذه الدنيا ذخيرة وقدوة ومنارات وفنارات ورموز باذخة لتجسيد الوطنية والشرف..! معنى أن تختار أن تفتدي أهلك ووطنك ومواطنيك بروحك.. حتى يعيشوا من بعدك أعزاء موفوري الكرامة لا يسومهم احد ذلاً ولا اضطهاداً..!
هل يمكن لثورة يكن شبابها كل هذا الوفاء لرفاقهم الشهداء أن تموت أو أن يقهرها ألف برهان أو ألف اردول…؟.حاشا لله…! المجد والخلود للشهداء وعاشت ثورة ديسمبر المجيدة..!! أمهاتنا الكرام لقد أحسنتن التربية.. نسأل الله أن يتلطف عليكن بالصبر الجميل وأنتن مزدانات بوشاح الكرامة وتاج الشهادة..!