الرأي

آباء البنات أكثر الناس سعادة  

معلوم أن الناس في بلادنا هذه يفضلون دائما إنجاب الذكور على الإناث وما زالت الآية الكريمة {وَإِذَا بُشِّرَ اَحَدُهُمْ بِالْأٌنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} تنْطبق على الكثيرين في المجتمع السوداني، لا أدري ما هو سبب هذه الكراهية الموروثة من الجاهلية، في ذلك الزمن كان الناس معذورين لجهلهم ولكن ما بال من أكرمهم الله بنعمة الإسلام وبقدوة مثل سيدنا محمد، وهو حتى يغير في عقلية الناس قال في حديث من أعال بنتين أو ثلاث أو أختين أو ثلاث حتى ينفصلن عنه أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بإصبعه الوسطى والتي تليها، وهذا الحديث جدير بأن يجعل كل رجل يسأل الله أن ينجب عددا من الإناث حتى يتبوَّأ مكانه بالقرب من سيدنا محمد ولكنهم انصاعوا لقيم الجاهلية، صحيح تغير الناس كثيرا وهناك من يسعد بإنجاب الأنثى، ولكن ما زال هناك من يصاب بالحزن لا لسبب سوى أنه يفكر بعقلية الجاهلية، وهذه العقلية هي سبب الضنك الذي تعيشه النساء في مجتمعنا.
في السودان كلما ولد لأحدهم بنت يهيئه الناس لقبولها فيقولون له إن البنت “بخيتة وقدمها لينة” ويأتي معها الخير وإن آباء البنات محظوظون، وهذا ليس مجرد عزاء وتشجيع للآباء، بل حقيقة اكتشفتها المجتمعات نتيجة تجارب اجتماعية واقعية تكررت مع من رزقوا بمواليد إناث وانتعشت حياتهم، ولكن لا أحد يعرف سر هذا البخت ولين القدم والحظ الذي يأتي لمن يرزق ببنت دون الولد، المفاجأة التي لا يعرفها الكثيرون أن الأمر أثبت علميًّا فآباء البنات أكثر سعادة وأوفر حظًّا وأطول عمرا وأكثر نجاحا واستعدادا للتطور من آباء الأولاد.
الدراسات الحديثة كشفت أن إنجاب الإناث يضيف جمالا لحياة الأب ويدفع مسيرته المهنية ويطيل عمره ويجعله شخصا أفضل، وذلك لأن إنجاب طفل أو طفلة يعيد تشكيل مخ الأب فيعمل على رفع هرمون الحب المسمى (الأوكسيتوسين) وهو هرمون يحسن التصور الذاتي ويرفع الإحساس بالدفء والثقة والإيثار والانفتاح وخاصة عندما يكون المولود أنثى، وخلصت الدراسة إلى أن متوسط عمر الرجل يزيد مقابل كل أنثى ينجبها، وأن الآباء يتبنون اتِّجاهات أكثر اهتماما بالآخرين ويفكرون في تغيير العالم إلى الأجمل ويصبحون مجتهدين في عملهم عندما ينجبون إناثا.
كما كشفت الدراسات أن الذين لديهم مواليد إناث يقضون وقتا أطول ويتفاعلون معهن بشكل مختلف ممن لديهم ذكور، مقابل كل هذا ليس هناك فرق لدى الأم في التعامل والإحساس مع الذكر أو الأنثى.
ويعتبر آباء البنات الأكثر سعادة أيضا بسبب الاهتمام والدعم الذي يجدونه من بناتهم عندما يكبرن وهذا  له نتائجه على الصعيد العملي، وأعتقد أن كل أب لديه من البنين ذكور وإناث لاحظ فرق المعاملة والاهتمام.
رغم كل هذا يظل البحث عن إنجاب الذكر والتحامل على الأنثى لا ينتهي، مبررهم أن الذكر ليس كالأنثى كما قال القرآن مع أن المعنى لا يدل على احتقارها، ولكن نعم الذكر ليس كالأنثى، فالأنثى أحنُّ على والدها وتكون دائما مستعدة لدفعه إلى الأمام وتجعله أنفع للمجتمع وفوق كل هذا تدخله الجنة ويكون في صحبة الرسول محمد (ص) وهو أعظم رجل عرفته الإنسانية  ولن يتكرر، وهو أبو بنات ولا شك أن في الأمر حكمة إلهية عظيمة والمؤكد أنها خير له ولأمته.
وبما أن العالم يحتفل هذا الشهر باليوم العالمي للمرأة نذكر الآباء بالاهتمام ببناتهم حتى يدعمن المجتمع فقد أثبتت الدراسات أيضا  أن دعم الآباء لبناتهم يجعلهن أكثر نجاحا وشجاعة وقوة وهذا ما نريده لتطوير مجتمعنا بسرعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى