الرأي

بين التطبيع والتطبيل

عصب الشارع

صفاء الفحل
عندما قابل البرهان الرئيس الاسرائيلي نتنياهو في (عنتبي) اليوغندية خرج علينا الداعية ناجي مصطفي وهو يغلي ويزبد ويقول إن لأحد فوض البرهان لهذا (اللقاء) وكأنه ينتظر من كل شخص الاذن منه ليقابل الآخرين واعتقدنا بان الأمر (هوشة) ضمير فعذرناه وقال إن العمل (منكر) وإلى آخر النعوت الخبيثة وبعد مقابلة البرهان لوزير الخارجية الاسرائيلي قبل أيام واتفاقه معه على الاسراع في خطوات التطبيع النهائي خرج نفس الناجي علينا ليقول إن التطبيع مع اليهود (حلااااال) ويجوز شرعاً وان الرسول صلى الله عليه وسلم قد طبع معهم بالمدينة المنورة فسبحان مغير (الناجي) من حال الي حال والمقطعان موجودان لدينا (صورة وصوت) ولن نسأل الرجل عن سبب هذا التغيير المفاجئ في موقف ديني لا يقبل (المساومة) فهو لا يملك الاجابة الصحيحة حسب (المواقف) ولكن جميع البسطاء يملكون الاجابة.
في لقاء البرهان ونتنياهو الأول خرج علينا ايضا نصر الدين مفرح وزير الشئون الدينية في ذلك الوقت بموقف حزب الأمة الذي قاده الى الكرسي والرافض للتطبيع وحتي يصبغ الامر بـ(الشريعة) والدين لدغدغة مشاعر البسطاء وحتي يصبح (مهضوماً) بأنه لا يجوز التطبيع مع ديانة (لا نؤمن) بها فأخبرناه من خلال هذا العمود تحت عنوان (كفر مفرح) بأننا كشعب مسلم نؤمن بالديانة اليهودية وأن الإيمان بالرسل والكتب السماوية واحد من أركان الإيمان ونحن نؤمن بها اذا كان هو ليس كذلك ولن ندخل في أمر تحريف الديانات والكتب السماوية فنحن لا ندعي (العلم الديني) ونصلي صلواتتا الخمس ونصوم رمضان وناتي الزكاة المفروضة، وسنحج ان سهل الله الأمر ونتعامل مع الناس بخلقاً حسن لا أكثر ونسال الله المغفرة .
هناك امران يحكمان التعامل مع اليهود هما ديني ودنيوي فان كنا نرفض التطبيع لأمر ديني فإننا اليوم نتعامل مع الروس اللا دينيين ويرون أن الحياة مادة والدين أفيون الشعوب ومع الهندوس وعبدة البقر البوزيين وفي اعتقادنا ان اليهود أفضل منهم فعلى أقل تقدير أنهم من (أهل كتاب) أما اذا ما كان الامر يتعلق بالعروبة وفلسطين فإننا مع حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة ويمكننا قول ذلك ونحن نقيم علاقة مع اسرائيل والأعراف الدبلوماسية لا تمنع ذلك اما موضوع العروبة فهذا أمر آخر وهل نحن عرب أم أفارقة مسلمين ويكفي حديث المسئولين الفلسطينيين عن عروبتنا بعد الإجراءات الأخيرة وهو حديث مخجل لا أود الخوض فيه.
نعم نحن مع الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة ضد بناء المستوطنات وحل القضية بالحوار دون استعمال العنف من الجانبين ولكن دون مزايدات سياسية أو دينية وقد قلت ذلك صراحة خلال مشاركتي في ورشة قبل عامان عبر (تقنية الزووم) مع مسئولين وحخامات يهود وصحفيين من أمريكا وإنجلترا واسرائليين.
البعض عندنا يستخدم القضية الفلسطينية لتثبيت مواقفه السياسية الداخلية ويتعاملون معها كموقف سياسي لا كموقف انساني وحق مشروع في حياة كريمة بلا نزاع ، ليس بالسودان وحده بل كثير من الدول العربية والاسلامية ، وهو الأمر الذي جعل القضية الفلسطينية تراوح مكانها منذ زمن طويل الامر الذي اضر بها كثيراً ولكن يبدو ان الكثير من الدول العربية قد عرفت أخيراً كيف تتعامل مع هذه القضية من داخل اسرائيل بخطوات التطبيع والضغط على اسرائيل من الداخل وعلى الأصوات التي تتعامل مع القضية الفلسطينية وتتلاعب بمشاعر البسطاء لخدمة أهداف سياسية شخصية الصمت فيكفي الشعب الفلسطيني المتاجرة بقضيته طويلاً ويكفي الشعب السوداني التلاعب بمشاعره وافكاره حول اليهود (والبعبع) الذي سيدخل النار.
والثورة مستمرة.
القصاص للشهداء أمر حتمي.
*نقلا عن الجريدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى