الرأي

التضرع لسلامة المدن

« وَاطْلُبُوا سَلاَمَ الْمَدِينَةِ …، وَصَلُّوا لأَجْلِهَا إِلَى الرَّبِّ، لأَنَّهُ بِسَلاَمِهَا يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ» (أرميا 29: 7)

جاكسون يوكي
اعتقد الكثيرين قديما إن الدعوة لله باطلة خارج حدود أوطانهم، بما فيهم بعض الشعوب التي تؤمن بإله واحد، خالق الكون أنه لا يسمع الدعوات التي ترفع في مدن أو وسط الشعوب الوثنية. كانوا لا يدرون أن الله روح يعني نشاط فعال لا تحده حدود. كان عليهم أن يكتشفوا أن روح الله لا يسيطر على كل الأرض وحسب إنما يسمع من كل بقعة على وجه البسيطة، هو ليس محصوراً بين جدران معابدهم ولا مقيدًا في مخيلاتهم. لا يعلمون أن عليهم التضرع والصلاة إلى الله، وبكل الوسائل الممكنة، التسبيح ترنما بالتصفيق، بآلات الموسيقى، بالسجود، رفع الأيادي عاليا أية طرق مواتية لمصلحة التضرع للدول ومدنها. فوجب طلب الحكمة من أجل القضاة، الرؤساء، لأجل قوانين جيدة وعادلة. القادة، العلماء، المعلمين، وذوي الأراء البناءة، لأجل الساعين لوطن أفضل يستمتع قاطنوها ومجتمعاتها بالعدالة والرفاهية. « لأَنَّهُ بِسَلاَمِهَا يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ »: المدن التي يعيشون فيها كانوا في حاجة إلى إدراك أن وجودهم في حدودها هي بسبب أمانها ورخاءها، وحالة ازدهارها، من حيث صحتها وتجارتها، لإنهم يشاركون تلك المدن إلى حد ما نفس المزايا؛ ومن ناحية أخرى، إذا أصيبت بالسيف، أو المجاعة، أو الوباء، أو أي كارثة خطيرة، فسيكونون متورطين في نفس الأمر. فمن الأفضل السعي بمساهمة نشاط روحي جذاب بالدعاء من أجل رفاهية المدينة لتعزيز مصالحها ليحدث البارئ فرقًا بناءً. إنها رسالة لعصرنا في هذه الأيام.
عاش النبي أرمياء في أيام الأمبراطورية البابلية، لم يكن في ذلك الزمان صوت نبوي سماوي توحيدي غيره، اليوم نعيش في وضع أكثر وعيا بمعرفة الله، وفي بلد يتمتع بقيم روحية عالية في العبادة، وثق الكاتب (حسن نجيلة) بوادر المشاركة الروحية لقيم حرية التعبير الروحي في كتابه “ملامح من المجتمع السوداني”، أروع لحظات دعاوي الشكر، بعنوان يتشابه وقصيدة الشاعر التجاني يوسف بشير (في محراب النيل) وعنوان الصلاة (صلوات على محراب النيل)، وطلب الرخاء من أجل السودان، لأسقف الكنيسة الأنجيلكانية، في مصر والسودان )الآب لويلين هنري جوين( (1863-1957) ، وفضيلة (الشيخ إسماعيل الآزهري) مفتي السودان أنذاك. كانت الصلوات أو التبريكات كما فضل الكاتب عبد الله حسن تسميته في كتابه (السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية الجزء الثالث) بمناسبة افتتاح (خزان سنار) حيث كانت القرية التي أنشأ فيها الخزان اسمها آنذاك (مكوار). بعد الخطابات السياسية بحسب الصحفي (حسنين هيكل) اقتبسه نجيلة في كتابة، وقف الجميع أثناء تلاوة صلاة التدشين التي فاه بها الآب غوين، والخطبة المباركة التي ألقاها (المفتي إسماعيل الأزهري) طالبا بركة من الله ليديم النفع، الخير، السخاء، الرخاء، والعدل، ولم الشمل بعنايته. كانت خلاصة صلاة الأب غوين كالأتي: ابتدأ بتسبيح لله القادر على كل شيء الأزلي الأبدي مبدع العالم، وخالقنا جميعا من جعلت نظاما، يسير عليه العالم أجمع وبلاد السودان أيضا. وشكر الله من أجل القادة الحكام، ومن أجل المهندسين الذين ابتكروا وبنوا الخزان، وتوفير الحماية أثناء البناء، وختم بالصلاة الربانية، في الصلاة الثانية تضرع من أجل مستقبل الخزان طلب بركة، ثروة، حكمة، علما، دينا، وصلاحا حقيقيا، تضرع طالبا رحمة البارئ، ولطفه على البلاد، بأن تسود الحرية، العدل، والصلاح، مقتبسا من سفر (أشعياء 2: 4) النبوة التي تنادي بالسلام العالمي الذي سيحققه البارئ وتعتبر جوهر رسالة السيد المسيح: «فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكًا وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفًا، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ». على أساسها طلب الاتحاد والوفاق لأهل السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى