الرأي

تماطيق العيد : (الكعك)

 

طارق اللمين?️

كان حديثا غير موفق ذلك الذي أدليت به في اجتماع تحضيري للاحتفال بعيد الأم ذات عام حيث كان من ضمن حضور الاجتماع شابة من الجيل الجديد تدرس لدى مأمون حميدة

لم أقل شيئاً سوى أن اقترحت أنْ يتضمن الاحتفال بعض من (الكعك) مما أثار دهشتها وطفقت تسأل بقية الحضور همساً عمّاذا تعني هذه الكلمة الغريبة حينها أسقط في يدي وتأكدت بأنني قد ولجت بكل تأكيد إلى عهد (الجلكنة) ولم يشفع لي قميصي الكنقولي الذي كنت أرتديه ضمن جهودي لمواجهة الحقيقة

وبالطبع لا أعرف من الذي اخترع الكعك وأوقع بي في هذا الفخ لكن من المؤكد أن ذلك تم قبل ميلادي بوقت كافٍ ولاذنب لي في ذلك الأمر لكن الثابت عندي أنني وكل جيلي كنّا من عشاق (الكعك) بل كنا نرى فيه بارقة الأمل التي ربما تساعدنا لنعبر من دوامة الكسرة والعصيدة إلى آفاق أرحب قبل أن يهل زمان الشيكولاتة ورفقائها من كرام الأكاكعيك الجديدة

بل شكل الكعك جزءاً من وجداننا ومعتقداتنا الروحية مع البلي و(حلاوة لكووم) و(الداندرمة) ودقة القونقليز الموقرة حين كانت هذه المخلوقات تمثل كل أدوات الترفيه وأعتى مظاهر السعادة والرضا عن النفس والأهل والكون والحياه

ومن شدة ولعنا بالكعك غفر الله لناكنا نسمي (عيد الفطر) بـ(عيد الكعك) دون وجل وكانت أواخر شهر رمضان الكريم هي أيام بشريات الخبيز الكبرى المبشرة باقتراب الأقتران بهذا الكائن السحري وعوالمه من السكر والدقيق والباكنبودر ــ نعشق ثرثرة النساء في أمر الكعك ونهرول للدكاكين القصية باحثين عن فانيليا أو (روح موز) وباحثين لدى الأهل الكرام عن ملقاط أو قالب كعك يزين كل كعكة بنجمة أو هلال كما كنا نصطف محملين بالصواني ذات اللون الأسود وكأننا في معركة حربية حاسمة سيسجلها التاريخ ثم ندلف بعدها في طريق العبور العظيم إلى الطابونة ينتابنا الفخر والزهو والشعور بالسعادة مثل من أحرزوا كأس البطولة بعد طول غياب من البطولة ذلك بعد أن تكون عيوننا قد اكتحلت قبلها برؤية قوالب (المفارم) المنزلية العتيقة فضية اللون وهي تفرخ لنا أشكالاً هندسيه من الكعك على شكل مثلثات ومربعات تخلب الأبصار والقلوب تزيد من فرطنا في محبة العيد وتجعلنا نحبه الآن أكثر ثم أكثر

نتسابق بعدها في الهرولة إلى حيث (الطوابين المسكينة) بخطى راقصة من الفرح والاحتفال فنصنع فيها الفوضى والضجيج مؤمنين بأننا نقوم بأعظم الأدوار في الحياة

وياللسعادة حين يقوم الفرَّان بإخراج الصينية الصغيرة السوداء من الفرن ونهم بالعودة بها إلى المنازل ناثرين عبير روائحها في الطرقات ومقرمشين جزءاً من محتوياتها في الطريق داعين الجميع إلى خمش مايناسبهم من ثمارها السخنة فلا عبارة عندي تشبه ذلك المشهد غير عبارة (النصر لنا)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى